بإحدى المحلات الفاخرة بمول طنجة الباذخ بعدما تم تحويله إلى قاعة عروض، أطلق عليه إسم Galeria أفتتح هذا المساء معرض الفنان عبد اللطيف مهدي ، هذا الأخير الذي قدم مجموعة كبيرة من الأعمال بأحجام متوسطة وكبيرة ، عبد اللطيف مهدي من الفنانين القلائل الملتزمين بالإشتغال على البعد الموضوعي للوحة بعمق يمكن آعتباره معاصرا جدا ، عن طريق قناة صعبة التفكيك من الناحية النفسية و الإجتماعية لشخوصه المربكة ، المحيرة ، البالغة اللغزية ، عبد اللطيف مهدي يقدم كل ما يتعلق بالجانب الغرائبي، الذي تفرزه مجتمعاتنا الحديثة داخل فضاءات تعج بالحركة والسكون معا ، كوسموبوليتانية طنجة وأجوائها الليلية التي لا تنتهي بادية بوضوح في أعماله وكأنه يقصها قصا من أماكنها الطبيعية ، قصته تلك لا تخضع إلى مقص رقيب ولا إلى مكياج عابر ، إنه نقل بالغ الحساسية ، صافي لكل ما هو إيقوني وما هو إكسترا إيقوني في ذات الوقت ، شجاعة عبد اللطيف مهدي لا بد من الوقوف عندها ، فحضور الجسد عنده لا يخضع إلى رهان ما ، بقدر ما يخضع إلى فكرة التحرر بغض النظر عن ماهيته ولا عن موضته ولا حتى عن هويته ، مهدي غزير جدا في إنتاجه ، مسكون بروح الإنسان المعاصر وبهمومه وما يرافقه من حيوانات أليفة لا تشكل ديكور المشهد عنده ، بل تكمله بما ينقص حالة الفزع او حالة الإنتظار او حتى حالات الموت المتكررة أيضا ، التكنيك التي يعتمدها مهدي محسوبة على قدر القماش ، غير مكلفة التدقيق ، صباغيته تحمل الكثير من الشجاعة ، هندسية ممزوجة باللطخات تاركا إياها غير مكتملة حتى يدع للمتلقي متعة الإنهاء ولذة الإمعان . كل التوفيق نتمناه لفناننا مهدي و لمنجزه الذي لا ينضب .